كلمة تخريج فوج ال 67 في المدرسة المعمدانية في الناصرة 3.7.2021
الحضور الكرام… مساكم خير وفرح واحتفال مبارك.
إلى هنا أعاننا الربّ..
مع بداية خدمتي الجديدة في هذا الصرح التربوي – التعليمي الذي أُتابع أموره منذ سنوات طويلة وأعتز بسيرته ومسيرته، ومع كلِّ التحدياتِ والعقباتِ التي واجهتنا جميعًا، حقًا نستطيع أن نُصرِّحَ ونُعلنَ في هذا المساء، كمدرسة وكأهل وكطلاب: إلى هنا أعاننا الرّبّ. فترتفعُ قلوبُنا بالامتنان والشكر: باركي يا نفسي الرّبَّ ولا تنسي كلّ حسناته. لأن الذي ابتدأ فينا عملًا صالحًا هو بلا شكّ سيُكمّل.. هو سيُحقق خطته الرائعة في حياة خريجاتنا وخريجينا، بل في حياة كلّ منّا.
كلُّ الاحترام لكم خريجاتنا وخريجينا، لقد اجتزتم التحدياتِ بروعتكم، وعبرتم الطريقَ نحو النجاح، وتتابعونَ في المسار الصحيح نحو تحقيق الذات، بالرغم من المفاجآت التي تواجهكم والمتغيرات المتسارعةِ والضبابيةِ التي تلفُ واقعنَا الجديد. نفرحُ بإنجازاتكم. نُحبُكم فيمن أنتم وأنتن، فيمن تكونون.
كلُّ الاحترام لكم أيّها الطاقم الرائع، معلماتنا ومعلمينا المُضَحين المبدعين، موظفاتنا وموظفينا المُخلصين في السكرتارية والمحاسبة والعاملين في الصيانة والنظافة، مجلس الأمناء وطواقم الادارة الساهرين الأمناء على خدمة ومصلحة هذا الصرحِ المبارك. لقد تابعتم المسيرة بمهنية وإنسانية تجلت بالاهتمامِ بكل طالب وطالبة. أنتم الموردُ الأهمُ المُساهم في تحقيق رسالة المدرسة ورؤيتها وتوجهاتها لتكون بيتًا ومركزًا للتربية للحياة والسلام. نفتخرُ بكم.
كلُّ الاحترام لكم أيها الأهالي الكرام، لكنّ أيتها الأمهاتُ ولكم أيها الآباءُ، شكرًا لأجل المساندة الطيبة، ولأجل الشراكة الفاعلة والدعم والاحترام المتبادلين، شكرًا لأجل فضلكم الذي لا يُعلى عليه في ايصال أولادِكم وبناتِكُم، طلابِنا الأحباء، لمفترق طرق التقدم، لهذه المحطة. هنا محطة هامة في مسيرتنا مع طلابنا الأحباء، أولادِكم الغالين، هنا نُطلقُهم معًا لفضاءات الحياة، قلوبنا معهم ومعكم، وصلواتنا ترفعهم. أنتم ستتابعون عن كثب تحليقَهم في سماء لا حدود لها، وفي تحقيق أحلام لا تَحُدها قيود، ونحن نتأمل ونفرح ونسعد بهم، فهم أولادنا دومًا… أولادكم للأبد… نعتز بشراكتكم ونسعد بتحول أحلام أولادنا إلى واقع مبارك.
في هذه السنة المليئة بالتحديات، تابَعَت المدرسة تقدمَها وريادتَها كما عهدتموها، في تربية وتعليم مميزين، وتميزٍ وتفوقٍ في التحصيل العلمي. كما انضمت المدرسة خلال سنة التحديات هذه، إلى شبكة المدارس المولدة للحداثة (רשת בתי ספר מחוללי חדשנות) من خلال تطويرها لثلاث مبادرات مع قسم الأبحاث والتطوير في وزارة التربية، وقد تمّ نشرُ كلٍ منها على موقع الوزارة، الأولى في المجال التربوي-البيداغوجي والثانية في المجال التنظيمي والثالثة في المجال التقييمي. وقد حصلت مبادرة “زوم ثلاثي الأبعاد” التي طورها الفريق المدرسي على انطباعات رائعة من الوزارة، كما أنها نالت اعجابَ قسمِ الاستشارةِ التربوية في الوزارة الذي يقوم بدمجها ضمن برامجِهِ التربوية، إضافةً لفوزها بمنحة خاصة من قبل صندوق تشجيع المبادرات التربوية (קרן עידוד יוזמות חינוכיות) بهدف تطويرِها واتساعِ انتشارِها. فشكرٌ كبير لطاقم المبادرات الذي ضحى تطوعًا بساعات كثيرة في التفكير والتخطيط والتطبيق والتقييم. كما وانضم مجموعة من الطلاب إلى برامج جامعية في عدة مجالات في دراسة للقب الجامعي الأول. هذه المبادراتُ وغيرُها تصُب في توجه المدرسة لتطوير منهجية “التربية للحياة والسلام” التي تعمل المدرسة على تمكينها.
وأشيد في هذا السياق بقيمة العطاء النابعة من قلب المحبة، والتي تجلت في عطاء سخيّ من قبل طلابنا والأهالي والطاقم، لدعم الخدمات الطبية في المستشفى الأهلي العربي في غزّة، فقد تم تجميع مبلغ يزيد عن (32600 شيكل). شكرًا لعطائكم ومحبتكم.
الحضور الكريم… أحبائي الخريجات والخريجين
لطالما كانت الناصرة تستقطب إليها الطلاب من القرى والمدن حولها، ووالدي الراحل سمعان عزيز دعيم، كان أحد الطلبة الذين تعلموا فيها، وبعد تخرجه من المدرسة الثانوية البلدية في الخمسينات سطّر مُلخص مشاعره وأفكاره ضمن كتابه “مع الموكب”. فيقول عن هذه الفترة من حياته الدراسية:
انها فترة صعبة اذ انتقلت بنا من رُبانا الوادعة وقُرانا الساذجة الراقدة تحت ظلال الطبيعة إلى المدينة المعتزة برقيِّها.
فترة جميلة لأنها حدثت على مسرح مدينة المسيح. فهناك جبل القفزة الشامخ وهضبة الخانوق وشارع النمساوي العامر بالأزياء الباريسية.
مؤلمة لأنها فرقت بيننا –نحن شباب المستقبل- بعد أن كونت منا مجموعة سعيدة، نثرتنا في قرى متباعدة مستلقية على أكتاف الجبال.
كم يصعب عليَّ مفارقتُها ومفارقةُ زملائي الطلاب، ولكن لا تتوقع مني الدموعَ والتنهداتِ في وداع هذه النعم جميعها، بل متِّع نفسك بمشاهدة الابتسامة العريضة المرتسمة على شفتي في استقبال الحياة الجديدة.
فوج الــــــــــ 67
فوج ال 67 ليس مجردَ رقمِ وصورةِ تخريج،
أنتم واحدٌ وسبعون (71) خريجةً وخريجًا، كغروس زيتونِ بلادِنا وكأعمدةِ الزوايا الجميلةِ الراسخة الجامعة، بل قاماتٌ مُحملةٌ بالأخلاقِ والقيم، بالتربية والعلم. أنتم غروسٌ في داخلها طاقاتٌ جبارةٌ مليئةٌ بالدافعية، انتظرت الفرصَ المناسبةَ لتقوى وتتفرعَ، بل حوّلت الصعوبات إلى فُرص، واشتعلت بالرغبةِ في الانطلاقات المباركة بتحفيز الأهل والمعلمين.
أنتم إصرارُ وإرادةُ مؤسسةٍ تربوية هادفةٍ عاملة على تنشئة أجيال نامية، تقوم منذ سنة 1955 بتخريج الأفواج العطرة النضرة بعد أن تأسست سنة 1951 كثانوية، وسبقها تأسيس المدرسة الابتدائية سنة 1936 والتي أعيد افتتاحها سنة 1948.
أنتم غرسُ وسقيُ ورعايةُ طاقمٍ رائعٍ امتد على فترة ثلاثَ عشرةَ سنة، بعمل ايمان طاقم البساتين وتعبِ محبةِ طاقمِ الابتدائية وصبرِ رجاءِ طاقمِ الثانوية. شارك في تربيتِكم وتعليمِكم خلالَ هذه السنوات عشراتُ المعلمينَ والمربيات، طواقمُ غنيّةٌ بالمحبة والمعرفة، بقيادات تربوية جبارة أذكر منها الأخَ العزيزَ الدكتور أسامة معلم في قيادتِه الطويلةِ والعريضةِ لهذه المسيرة، والأستاذ العزيز عزيز بنا في قيادته للمدرسة في السنة الماضية مع المربيتين ربى كردوش وربى ورور، والمربية الرائعة آن حداد مربية صفِكم سابقًا ومديرةِ الابتدائية، والست ربى كردوش نائب المدير في متابعتها للعمل المدرسي عن كثب، وصديقي الانسان والمربي إياد حنا.. وغيرِهم وغيرِهم… في وهذه السنة، صار ليَ أنا أيضًا شرفُ مشاركةِ زملائي وزميلاتي من مديري المدرسة وطاقمها الرائع لأقدمَ مساهمتي في خدمتِكم وتقدمِكم، بعد أن تجاوبتُ مع الدعوة لأكونَ شريكًا في خدمة وقيادةِ هذا الصرحِ التربوي – التعليمي مساهمًا في الحفاظ عليه ودوامِ تقدمه، وذلك بعد أن سلمتُ أمانةَ مدرستي مار يوحنا في حيفا، بيد إدارة وطاقم رائعَين.
ابني الخريج وابنتي الخريجة
- كُن ملحًا للأرض، معطيًا نكهةً طيبةً لمحيطِك، ومانعًا لانتشارِ الفسادِ في بيئتك. انتبه من الْمُعَاشَرَاتِ الرَّدِيَّةَ فهي تُفْسِدُ الأَخْلاَقَ الْجَيِّدَةَ. كن شُجاعًا قويًا ولا تعطِ لإدمان أيّ أمرِ مكانُا في حياتك.
- كُن نورًا للعالم، يضيءُ في وسطِ الظلامِ، يعكسُ صورةَ الطهارة والصلاح ويكشف الشرَّ والفساد. عدد بركاتِ الرّبّ لك في كلِّ يوم، وكن شاكرًا.
- كُن في قمةِ روعتِك وتألقك. وليبارككَ الرّبّ.
نشكر الرّبّ الذي أعانك وأعاننا إلى هنا، إلى تتويجك في ختام هذه المرحلة الهامة.
باسم جميع أفراد عائلة المدرسة المعمدانية في الناصرة، نُبارك للأهالي الكرام ولكلّ خريج وخريجة، نبارك لكم تخرجكم إلى روعة الحياة بتحدياتها المُحفِزة. نُبارك للناصرة (28 خريج/ة)، ونوف هجليل (35)، ويافة الناصرة (2)، وشفاعمرو (2)، وعرب الهيب واكسال وكفر ياسيف وكفر كنا (1).
مبارك لكم…
نُحِبكم… ونعتزّ بكم.
عزيز سمعان دعيم